إدارة البياناتمقالات

لماذا لا تتم الاستفادة من مشاريع البيانات

هل اجتهدت في أحد مشاريع البيانات ولم تستفد منه شركتك؟ كم بنيت تقرير أو Dashboard ولم تحز على الاهتمام الذي كنت تأمل فيه؟ هل توقفت للحظة لمعرفة أين الخلل؟ هل هو في القادة أم في فريق العمل؟ إن ما يحدث في بيئتنا من اجتهاد وإنفاق على مشاريع البيانات ثم تكون النتيجة ضعيفة والمشاريع ركيكة له أسباب بلا شك. فما هي؟

في البداية لا أعتقد أن لدي الحل الشافي. لكن يظهر لي عدة أسباب ولها حلول. أرى أنها الأساسية في هذه المشكلة ولها أكثر من جانب أو بعد، هي:
  1. البيانات

  2. فريق البيانات

  3. الطريقة المستخدمة

  4. متخذي القرار

1- البيانات

الصدمة التي يتلقاها مجتمع البيانات من دقة البيانات كبيرة ومخيبة للآمال. وكم رأيت في بعض المنظمات توقعات كبيرة في بياناتها أو قدرتها على جمع البيانات التي تساعدها على معرفة الواقع، ثم مع بداية المشروع تكون خيبة الأمل. ولقد رأيت تغييرات إدارية وسحب مشاريع بجملة لاعتقاد متخذي القرار بأن الخلل ليس في البيانات.

إن البيانات المتوفرة في كثير من منظماتنا لا تساعدنا على تحليلها، وتعطي مؤشرات غير مرتبطة بالواقع. وفي بعض الأحيان حتى تصحيح البيانات يصعب وقد لا يحقق المأمول. ومن المضحك المبكي عندما تراجع التقارير السابقة للمنشأة وإذا بها بيانات لم تعد موجودة، أو أن الأرقام التي بها ليس لها علاقة بالبيانات المتوفرة في قواعد بياناتها. ولا أريد الخوض في حالة الهستيريا والصراع السياسي بين الإدارات مع ظهور هذه المشكلة. كما أن دمج البيانات من أكثر من جهة تواجهه مشاكل كبيرة من حيث ما هو المعرف الأساسي بينها مثل رقم السجل المدني أو رقم المنشأة وغيره. وطبعاً كارثة توحيد المسميات والتصنيفات حدث ولا حرج. وفي حالات لا تساعدنا التقنية في حل مشاكل اللغة العربية أو التاريخ الهجري، وكثير من الملفات هي عبارة عن صورة من الماسح الضوئي وإلى الآن استخراج البيانات من هذه الملفات يعد تحدي ومكلف جداً. وغيرها من المشكلات التي تعاني منها بيانات مجتمعنا.

الحل

أن تطبق الجهة مفهوم Data Driven وهو أن تقوم البيانات بقيادة المنظمات وليس الحدس أو الخبرات الشخصية. بحيث يتم إعادة تصميم الأنظمة التقنية وتغيير الأنظمة الإدارية بحيث تراعي احتياج التحليلات وتتبع الأخطاء وكشفها وحلها بما يسمح بجمع بيانات تعكس الواقع وتساعد على التنبؤ الصحيح للمستقبل. وهذا القرار استراتيجي وليس حل سريع حيث يحتاج لقرار جريء ودراسة. لكن فيما يبدو لي أنه ضروري ولا مفر منه. وهذا الموضوع يستحق مزيد من الدراسة والبحث أتمنى التركيز عليه من قبل الباحثين.

2- فريق البيانات

إن ضعف التدريب وقلة الخبرة لها عامل كبير في سوء المنتجات والاعتماد على مجموعة من حديث التخرج ضعيفي التدريب من دون توفر الخبير أو الجهة الاستشارية المحترفة يقود إلى مشاريع ركيكة حتماً. وأرجوا أن لا يفهم أني ضد توظيف حديثي التخرج، لكن في اعتقادي أنه لابد من وجود مدير خبير أو مجموعة خبراء مع هؤلاء الشباب لتوجيههم.

إن ما نراه من توجه لتدريب الشباب لهو شئ جميل، لكن اختزال تخصص تحليل البيانات في دورات على أحد منتجات عرض البيانات والتسويق لهذا المنتج على أنه تحليل للبيانات يضر أكثر من نفعه. إن تحليل البيانات بدون تعلم كثير من مبادئ الاحصاء و مهارة التعامل مع قواعد البيانات وبعض لغات البرمجة ينتج موظف غير جاهز للتعامل مع البيانات. وهذا في نظري أضعف الإيمان مع أن هناك مهارات يجب مراعاتها مثل تحليل الأنظمة وعلم الاستراتيجية والقدرة على إدارة المشاريع وجودة البيانات. وطبعاً لا يتوجب على كل فريق البيانات الإلمام بها، لكن على أقل تقدير يكون في الفريق من يجيد مثل هذه المهارات. وآمل من الجهات التعليمية أن تتبنى مسارات كاملة، وليس ما يحدث الآن من نظرة قاصرة لتخصص البيانات.

الحل

لا يوجد في نظري إلا أن يتم توظيف أحد ممن لديهم الخبرة والمعرفة لقيادة هذا الفريق الخطير على المنشأة، أو الاستعانة بخبرات الشركات المحترفة في هذا المجال أو بهما جميعاً. وعلى أقل تقدير توفير التدريب الجيد لفريق البيانات والاستثمار فيهم. كما تجدر الإشارة بأهمية علم إدارة المشاريع في تحسين الأداء ومسار فريق العمل، فأغلب المشاريع الحالية تدار وكأنها تجارب جامعية أهدافها محدودة.

3- الطريقة المستخدمة

إن تصغير مشاريع البيانات واختزالها في برامج عرض البيانات مثل Tableau أو Power BI واعتقاد المنشأة أن لديها مشروع بيانات دون استخدام الإحصاء أو علم البيانات أو تحديد الأهداف من المشروع يعد من الممارسات المنتشرة للأسف. وكذلك بناء مشاريع البيانات على أنها مشروع من مرحلة واحدة. وتجاهل أن مشاريع البيانات تبنى على عدة مراحل وتحتاج وقت وجهد ودعم مالي هي محاولات ستؤدي إلى ضعف المنتج النهائي.

الحل

تحديد الأهداف وبناء الاستراتيجيات والاهتمام المباشر والدائم من متخذي القرار واختيار الحلول التقنية المناسبة للمنشأة. وفي هذا المجال بحر واسع لا يتسع المجال إلى ذكره يمكن اختزاله في استراتجية البيانات، وهي من المواضيع التي تحتاج مزيد من البحث والدراسة.

4- متخذي القرار

يقول كيفن كوين (Kevin Quinn)، وهو أحد خبراء إدارة البيانات، ولديه خبرة أكثر من 25 سنة: كثير من التقارير التي يعدها خبراء البيانات يتم تجاهلها والنظر فيها بمجرد تسلمها ثم عدم العودة لها! من الممارسات المنتشرة. وأجزم أنه لا يوجد أحد يعمل في مجال البيانات إلا وتم تجاهل تقاريره بعد فترة من تسليمها. ويرجع كيفن كوين أن السبب بسيط جداً وهو أن ما يقولونه وما يقصدون هما شيئان مختلفان. ويرى أنه يجب على متخذ القرار الاعتماد على خبير في البيانات يشرح له المشكلة التي يبحث عن حل لها ثم يقوم خبير البيانات بتحديد ماذا يناسب لها من البيانات وكيف سيتم عرض البيانات. وأضيف له يفضل أن يزيد متخذ القرار من مهارته في التعامل مع البيانات واستيعاب مشاكلها واحتياجاتها. وفي هذا الجانب أتمنى أن تظهر دورات مخصصة لمتخذي القرار في التعامل مع البيانات مثل الدورات التي في المالية والمحاسبة لغير المتخصصين.

إن الوهم السائد بأن توفر البيانات والتقارير يحل الكثير من المشاكل يسيطر على كثير من متخذي القرار. فكثير منهم يحلم أن يتم إنشاء منصات له يستطيع من خلالها استعراض البيانات ومتابعتها دون إلمامه بتفاصيل النظم الإدارية في منشأته يجعله يغرق في التفاصيل وفقد الثقة في منظمته وموظفيه، ويعتقد أن الجميع فاشل أو أنهم يريدون تضليله. فمثلاً هو لا يعلم بكل السياسات والإجراءات المتبعة في نظام شؤون الموظفين لديه، مما يجعله يظن أن الأرقام الظاهرة له مليئة بالأخطاء حتى يتم شرح له أسبابها تكون هنا الصدمة. ثم يحاول حل المشاكل التي يعتقد عن طريق لبس قبعة مدير شؤون الموظفين دون خبرة في هذا المجال لتبدأ الفوضى في المنشأة.

الحل

الاعتماد على خبراء البيانات والمتخصصين في المجال المستهدف (مثل شؤون الموظفين) لتقييم البيانات والتأكد من منطقيتها والرضى بنتائج هذا الفريق، ثم يحدد ماهي الأهداف والمشكلات التي يبحث عن حل لها. وترك المجال للمتخصصين في حلها. بعبارة أخرى يفسح المجال للبيانات بقيادة المنظمة عن طريق ما يعرف بـ Data Driven.

في الختام أؤمن أني لم أغطي كل المشاكل في مشاريع البيانات، لكن هذه ما أعتقد أنه الأكثر تأثيرًا على نجاح المشروع من عدمه. كما آمل من المتخصصين تغطية هذا الجانب بمزيد من الدراسة والبحث.

اظهر المزيد

‫2 تعليقات

  1. يعطيك العافية استاذ فهد.

    اتوقع من رأيي القاصر ان المشكلة هنا تنتشر وتكون اثرها واضح اذا طبقناها على الشركات الكبيرة اما الشركات الصغيرة او المتوسطة لاتواجه بالضرورة مثل هذي المشاكل, بل بالعكس قد يكون حديث التخرج اكثر منفعه للشركة الصغيرة من صاحب الخبرة الكبيرة للأسباب التالية:
    1- المقابل المالي العالي.
    2- قلة المرونة فمثلا الشركات هذي في الغالب لا تستخدم قاعدة بيانات امازون على سبيل المثال بل ملفات مبعثرة و عشوائية في البيانات لكن على نطاق ضيق فالعمل بيكون dirty work وهو شي على اغلب ظني لا يتسيغه صاحب الخبرة اما حديث التخرج يجدها فرصة لابراز مواهبة وجديته في العمل.
    3- قلة عدد الموظفين في الشركات الصغيرة مما يجعل التوافق في البيانات بين الادارات اقل وحلها اسهل.
    4- اطلاع كبير لصاحب القرار مع الادارات الاخرى بحكم صغر الشركة وفي الغالب يكون مطلع على عملهم.

    طبعا الكلام هذا اعتقد انه ينطبق على الشركات الصغيرة باستثناء لو ان الشركة سريعة النمو او لها خطة بالتوسع وتكبر في وقت قصير.

    ارجو ان تصحح نظرتي ومنك نتعلم الله يجزاك خير

    1. كلام منطقي. نعم اوافقك الرأي.
      الا أن هناك أمور ستفقدها هذه الشركات اذا لم تطور موظفيها أو تطلب الاستشارات ولو بالساعة. أن اي مهنة تحتاج تدريب وتوجيه لكن ضخ كميات كبير من الشباب بتدريب بسيط دون توفير دورات للمستوى المتوسط والمتقدم اكيد يسبب مشكلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى