مقالات

الحوسبة السحابية: لبنة بناء المستقبل

نبذة عن الحوسبة السحابية وفوائدها وكيفية الاستفادة منها

 مقدمة

في 2004 قرر شاب طموح اسمه ستيوارت بناء موقع يسمح للمستخدمين برفع صورهم للمنصة ومشاركتها مع الآخرين. نال الموقع إعجاب المستخدمين وبدأ عددهم بالتزايد بشكل سريع مما شكل تحدي صعب لستيوارت من حيث إمكانية المنصة على تخزين ملفات المستخدمين.

لتخزين الصور، تحتاج المنصة إلى خوادم (Servers) تستطيع حفظ وإدارة الملفات المتعددة. وبالتالي حتى يستطيع ستيوارت استضافة المزيد من المستخدمين، كان يتسابق مع الزمن لشراء وتركيب المزيد من الخوادم حتى يتفادى زيادة الحمل على المنصة بما يفوق قدرتها مما قد يؤدي إلى توقفها عن العمل. وبالرغم من نجاح المنصة إلا أن ستيوارت قرر بيعها في ٢٠٠٥ لياهو (Yahoo)  لكونها شركة تقنية ذات بنية تحتية ضخمة وفريق تقني أكبر.

 وفي قصة أخرى بعدها بست سنوات في ٢٠١١، قرر شابان بناء تطبيق جوال يسمح للمستخدمين بإرسال الصور لبعضهم البعض بطريقة جديدة وتجربة مستخدم فريدة. نال التطبيق إعجاب مستخدمين حول العالم واصبح للتطبيق ملايين المستخدمين الذين يشاركون فوق العشرة مليون صورة يومياً في وقت قصير! والأعجب من ذلك، أن هذه الشركة الناشئة لم تواجه أي من مشاكل ستيوارت في توسعة أنظمتها لتخدم العدد المتزايد من المستخدمين.

القصة الأولى لستيوارت بترفيلد مع تأسيس فلكر (Flickr)، والقصة الثانية لإيفان سبيقل وبوبي مورفي مع تأسيس سناب شات (Snapchat). والفرق بين القصتين أن تطبيق سناب شات تم بناؤه على منصة سحابية (Cloud Platform).

قد يحيط مبدأ الحوسبة السحابية نوع من الضبابية والغموض، ولكنها أصبحت جزء من حياتنا اليومية. و بالنظر إلى عدد من الأمثلة لشركات أو مؤسسات استعانت بالحوسبة السحابية نستطيع أن نفهم الموضوع بشكل أوضح. ولكن قبل التطرق لهذه الأمثلة، علينا أن نفهم احتياجات التطبيقات الحديثة من البنية التحتية الرقمية وبعدها نبذة عن كيفية توفير هذه الاحتياجات عبر المنصات السحابية.

احتياجات التطبيقات الحديثة

تخيل أنك تريد تطوير تطبيق بسيط لإرسال رسائل نصية بين المستخدمين (مثل واتساب). إن فكرت في كيفية تصميم هذا التطبيق ستجد أنك تحتاج إلى عدد من الحلول الرقمية مثل:

  1. قاعدة بيانات لحفظ أرقام تواصل المستخدمين وفهرستها
  2. نظام مركزي لتوجيه الرسائل من مستخدم إلى آخر
  3. نظام أرشفة لحفظ الرسائل القديمة وجلبها إن طلبها المستخدم
  4. قدرة حسابية لتنفيذ العمليات المشغلة للتطبيق

بالإضافة إلى العديد من الخدمات والأنظمة الأخرى التي قد تحتاجها. وكلما زاد عدد مستخدمي التطبيق زادت متطلبات هذه الأنظمة حجماً وتعقيداً. فمثل ما رأينا في قصة فلكر، كلما زاد عدد المستخدمين، زادت عدد الصور التي تم رفعها للموقع وبالتالي زادت احتياجات المنصة للسعة التخزينية للملفات وكيفية فهرستها ومن ثم عرضها للمستخدمين.

دور الحوسبة السحابية

تقليدياً كان الفريق المهتم بتطوير التطبيق مسؤول عن تطوير وتشغيل وصيانة البنية التحتية والحلول الرقمية المطلوبة وإدارتها ومعالجة أي تحديات أو مشاكل تطرأ بسببها. ولذلك قدمت الحوسبة السحابية بديل فعّال وعملي، حيث أنها توفر البنية التحتية كخدمة (Infrastructure as a Service) والبرمجيات كخدمة (Software as a Service) دون حاجة المستخدم للانشغال بالتطوير أو التشغيل أو الصيانة. بالإضافة، أن الكثير من هذه الخدمات متوفرة من شركات تقنية كبرى مثل أمازون أو قوقل أو مايكروسوفت، والتي تقدم لك ما تحتاجه من بنية تحتية كخدمة بمقابل مادي لاستخدامها.

فمثلاً أمازون أطلقت خدمتها السحابية للمعالجات الحسابية المعروفة ب(EC2) في ٢٠٠٦ وكانت القيمة المضافة من هذه الخدمة أن المستخدم يستطيع زيادة أو خفض عدد المعالجات المستخدمة حسب الحاجة وبالتالي يستطيع الحصول على القدرة الحسابية التي يحتاجها بسهولة ومرونة عالية في لحظات.

البنية التحتية عبر الحوسبة السحابية

منذ أطلقت أمازون أول خدماتها السحابية، تبعتها الشركات التقنية الأخرى لتوفّر البنية التحتية كخدمة للعموم مثل حلول القدرة الحسابية أو السعة التخزينية. وبعدها تطورت لتوفر المنصات السحابية أيضاً حلول برمجية كخدمة مثل حلول قواعد البيانات وإدارة التطبيقات.

أفضل مثال لتوضيح نموذج عمل الحوسبة السحابية، هي طريقة استهلاكنا للكهرباء حيث أن معظمنا لا ينتج الكهرباء بنفسه، ولكنّا نشترك مع شركة مقدمة للخدمة مقابل الحصول على الكهرباء. وبالتالي، يتم احتساب فاتورة الكهرباء بناءً على كمية الاستهلاك حسب وحدة معينة خلال فترة زمنية محددة (مثلاً شهرياً).

بنفس الطريقة، مستخدم الخدمات السحابية يستعمل ما يحتاجه من الخدمات وبالتالي يدفع بناءً على استهلاكه. هنا بعض الأمثلة لبعض الخدمات ومعدل أسعارها:

  1. تسعيرة خدمة القدرات الحسابية على منصة أمازون السحابية
  2. تسعيرة خدمات التخزين على منصة مايكروسوفت السحابية

كيف يمكنك تجربة الخدمات السحابية

للاستفادة من الخدمات السحابية، يمكنكم التسجيل في موقع مزود الخدمة المفضل لديكم (مثل أمازون أو قوقل أو مايكروسوفت) كالآتي:

  1. إن كنت مستخدم جديد وسجلت لأول مرة في المنصة، ستحصل على عدد معين من النقاط تستطيع استخدامها لتجربة الخدمات بالمجان. على سبيل المثال، تمنح منصة قوقل نقاط بقيمة 300 دولار للمستخدمين الجدد.
  2. إن كنت طالب، تستطيع الحصول على نقاط تستطيع استخدامها لتجربة الخدمات بالمجان. على سبيل المثال، تمنح منصة مايكروسوفت نقاط بقيمة 100 دولار للطلبة.
  3. هناك بعض الخدمات يمكن استخدامها بشكل محدود بالمجان ضمن نطاق مجاني (free tier) طالما لم يتجاوز استخدامك النطاق المحدود. على سبيل المثال، توفر منصة أمازون 750 ساعة في الشهر لمدة 12 شهر لاستعمال خدمتها الحسابية EC2 والمزيد من الخدمات هنا.

بالإضافة توفر كلاً من منصات أمازون و قوقل و مايكروسوفت شروحات ودروس بالفيديو لكيفية البدء و الاستفادة من خدماتها حسب الحاجة.

الختام

الخدمات البرمجية أصبحت جزء أساسي من حياتنا اليومية سواء كانت في صورة تطبيقات لمراجعة حساباتك البنكية أو لشراء ما تحتاجه أو لمشاهدة ما تريد. العامل المشترك لجميع هذه التطبيقات هو وجود خدمات وحلول تعمل خلف الكواليس لتشغيلها. في السابق كان عبء تطوير وصيانة هذه الخدمات والحلول على الفريق المطور للتطبيق، مما يتطلب الجهد والوقت والخبرة. أما اليوم، فتقوم أكبر الشركات التقنية بتوفير هذه الخدمات بشكل عام لمن يريد الاستفادة منها.

في الختام، الحوسبة السحابية هي لبِنَة بناء المستقبل حيث يقدر أن القيمة المضافة للاقتصاد الأمريكي في ٢٠١٧م من الخدمات السحابية كانت ٢١٤ مليار دولار و ٢.١٥ مليون وظيفة. كما أن القيمة المضافة الأكبر من الحوسبة السحابية هي بشكل غير مباشر في كونها مُمَكِن رئيسي لبناء خدمات وحلول تستطيع خدمة الملايين بشكل سريع وسهل. هذا ما حدث مع سناب شات في ٢٠١١م و ما تمنته فلكر لو كان متوفراً لها في ٢٠٠٥م.

والآن مع إعلان شراكة أرامكو مع قوقل وشراكة الشركة السعودية للاتصالات مع علي بابا لبناء منصات سحابية في المملكة العربية السعودية، فهذه فرصتك للبناء دون حدود!

اظهر المزيد

Yehia Khoja

م. يحيى خوجه متخصص في الذكاء الاصطناعي حيث عمل كمدير تطوير منتجات سابق في شركة نفيديا (Nvidia) بقسم البنية التحتية للذكاء الصناعي لبناء المركبات ذاتية القيادة. بالإضافة تدرب في أمازون (Amazon) وعدد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بوادي السيليكون. هو حاصل على ماجستير في الهندسة الكهربائية و ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ستانفورد بكاليفورنيا.

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى